عندما فشلت ثورة الضباط الاحرار على الامامية باليمن في فبراير سنة 1948 – اعدم معظم قادتها في ساحة عامة ... ظنا من النظام المستبد تخويف الشعب اليمني المتعطش للحرية - فبينما السياف يقترب من احد القادة ..... قال لطلابه بالكلية الحربية و الذين احضروا الي الساحة لمشاهدة عملية قطع رؤوس الثوار : " لن يخيفكم قطع رأسي " لأنه ادرك و بروح الثوار ان الألم الذي سيشعر به ثمنه المساواة التي يتمتع بها الشعب اليمني اليوم ...
بالامس الاول اقدم نظام الفصل العنصري القائم في الخرطوم على اعدام تسعة من احبائنا من ابناء السودان الدارفوريين .
الكل يعلم ان هؤلاء التسعة من النجوم الذين انضموا الي اخوانهم و اخواتهم في الجنوب و الشرق و دارفور
و جبال النوبة و انقسنا و كجبار من طوابير الشهداء و الشهيدات المستعمر الداخلي في الخرطوم لا علاقة لهم بمقتل الصحفي محمد طه (رحمه الله)...
صحيح ان المرحوم محمد طه قد تجنى كثيرا - على اهل الغرب خاصة و الهامش السوداني بشكل عام لكن لا على الميت الا الرحمة و صالح الدعاء – كما ان الطريقة التي قتل بها كانت بشعة و محزنة – هذا عوضا عن قتله غدرا و خارج اطار القانون .
ما يحدث للدارفريين في هذه الايام يذكرنا باهل الاخدود في سورة البروج من حرق و تعذيب و قتل بدم بارد بل يتلذذ البعض بالمشاهدة.
ان الشهداء التسعة قد ذهبوا الي ربنا – حيث اكثر من 400 الف نفس بريئة من اهل دارفور – هنالك عند الله تعالى لا يظلم احد – و كلنا في طريقنا اليهم – الي حيث داؤد يحي بولاد سواء متنا على يد النظام او غيره.
ان يتم قتل اخاك بجرم لم يرتكبه و بناءا على اعترافات انتزعت منه انتزاعا بفعل التعذيب امر مفجع – لكن يجب ان لا ننسى حرق اكثر من 4 الف قرية حيث العجزة و المسنين و الاطفال و النساء.... اي ان القاتل لا يهمه السبب و لا يبحث عنه لتبرير افعاله .
التاريخ القهري للشعوب الحرة يروي حجم التضحيات التي قدمتها تلك الشعوب – لذا علينا بالصبر و المثابرة – الحرية نار و نور – علينا ان نتحمل النار لينعم ابناؤنا بنعمة النور .
العسكري الذي قبض على صابر و عبدالمجيد و رفاقهما - و المتحرى الذي اجرى التحري - و القاضي الذي حكم عليهم بالاعدام - و الرئيس الذي صادق على الاعدام - كلهم يعرفون معرفة يقينية بان هؤلاء ليسوا بمجرمين او مذنبين لكن لا بأس من التضحية بالدارفوريين طالما يحفظ نسيج الحاكمين و يجعله متماسكا "و لو لبعض وقت و حين". غدا سيدرك ابناء الاخ الراحل محمد طه بأن لا احد من هؤلاء الشهداء قد تورط في تغييب والدهم و جعلهم إيتاما .
و النظام لن يخيفنا – لأننا في الاصل ليس لدينا ما نخاف عليه – لقد فقدنا كل شئ عدا كرامتنا – و اكبر دليل على عدم استسلام اهل دارفور كانت المظاهرة الهادرة و التي ضمت اكثر من 5 الف شخص و الذين خرجوا في جنوبي الخرطوم يحملون الشهداء على الاعناق الي مثواهم الاخير – في تحدي واضح و صريح للنظام العنصري و تأكيد على عدم استسلام اهل الهامش في كل شبر من ارضنا الطاهرة.
قد لايدرك المستعمر الداخلي حجم الرسالة التي وجهت عن طريق تلك المظاهرة و من قلب الخرطوم – و هي في مجملها لن نحزن – لن نستسلم - لن ننسى – لن نغفر
د. حامد برقو عبدالرحمن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق