الأربعاء، 11 فبراير 2009

الدوحة و الزمن الاضافي


قبل ثلاث سنوات و ابان توقيع حركة تحرير السودان جناج مني اركو على اتفاقية ابوجا مع الحكومة حكي لي من اصدقه - و كان ضمن وفد رئيس الحركة - انه و عقب صلاة الجمعة باحد مساجد الخرطوم فوجئ بالراحل الدكتور مجذوب الخليفة يسلم عليه و يصر على الاصطحاب معه الي بيته كما يفعل بعض السودانيين اكراما للاخر . الا ان محدثي(وهو قيادي رفيع بالحركة سابقا) لم يرفض فحسب انما قال له: ذهابي معك الي بيتك و في هذا الظرف تهمة كبيرة بحقي لذا لن افعل ...!! لكن الراحل مجذوب الخليفة و بروحه السمحة قبل الاعتذار ضاحكا ( رحمه الله). هذا مع حفظ اي تحفظ بحق الراحل من قبل اي طرف كان و حفظ تحفظاتنا جميعا تجاه النظام الاجرامي للانقاذ.
اردت بالرمية السابقة ان اخلص الي القول بان الامساك بملف المفاوضات ليس بالامر السهل حتى يكلف به كل من هب ودب. و بصرف النظر عن النظام و اجندة التفاوض فان للشخص المفاوض و روحه اكبر اثر في سير العملية التفاوضية.

تكليف السيد نافع على نافع بملف دارفور ليس خطاءا فحسب انما جريمة كبرى بحق السلام و الوئام في السودان. السيد نافع و رغم شهاداته العلمية الرفيعة في المجال الزراعي الا ان فهمه السياسي في غاية التواضع. و رغم تجاوزه للعقد الخامس و تواجده على اعلى مراكز الحكم لما يقارب العقدين الا انه و مازال يتصرف بعقلية الروابط الطلابية و ليست عقلية رجل الدولة. وهو مصدر تشاؤم الكثيرين في هذا الظرف الدقيق و لكن ما يزيد الوضع قتامة انه اي الاخ نافع من اقرب مساعدي السيد رئيس الجمهورية.
و ليس للاخ الرئيس من ينصحه و الا كيف يتبرع لصندوق اعمار دارفور رغم اكثرمن
2 مليون نازح و 4 الف قرية محروقة بمبلغ اقل من تبرعه للفلسطينيين؟؟
لم اكن صادقا ان قلت لست مندهشا كالاخرين من توقيت هذه المفاوضات الا انني انظر اليها بعين التفاؤل ليس املا في استجابة النظام لمطالب اهل الهامش في دارفور و كردفان في نيل حقوقهم المشروعة و العودة الي قراهم و امل اهل السودان كافة في الحرية
و الديمقراطية و دولة المواطنة... نعم ليس املا في هذا او ذاك لكن ليعرف المجتمع الدولي جدية الثوار في استثمار اي بصيص امل في احلال السلام - ثانيا ليتحقق الناس من محاولات الحكومة في بيع الوقت.


لدي احساس بان الحكومة تخطط لعمل عسكري عدواني في هذا التوقيت ضد كل من مواقع الثوار في دارفور و الجارة تشاد من اجل فرض واقع جديد في الساحة. و ما محاولة الاتيان بالطائرة التي من المفترض ان تقل رئيس حركة العدل و المساواة و القائد الاعلى لجيشها الرفيق الدكتور خليل ابراهيم الي الدوحة بالاجواء السودانية الا حلقة اخرى من حلقات الالتفاف على المذكرة المتوقعة .
المذكرة صادرة لا محال - و الحكومة مخطئة لو ظنت امكانية الالتفاف عليها - و من حسن حظنا ان الامم المتحدة و المجتمع الدولي قد اعدا الشعب السوداني اعدادا جيدا من الناحية النفسية لتقبل امر التوقيف.لذا على الحاكمين في الخرطوم التفكير في العمل لما بعد صدور المذكرة و ذلك باجراء خطوات عملية على الارض هنالك في دارفور بها يتمكن المجتمع الدولي من اللجؤ الي المادة 16 لتأجيل امر القبض لمدة عام.رغم امتناع باقي الرفقاء من ثوار حركة تحرير السودان بقيادة الرفيق عبدالواحد محمد نور و الجبهة المتحدة بقيادة الرفيق بحر ابوقردة و رغم دهشة التوقيت الا ان موقف العدل و المساواة في التفاوض موقف استراتيجي مهم و لو في الزمن الاضافي من مهلة صدور مذكرة التوقيف.


د. حامد برقو عبدالرحمن mailto:tdrbrgo2002@yahoo.com
http://drbrgo.blogspot.com/

هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...

سلام أستاذ حامد،
ربما أتفق معك في تحليلكم لنفسية الدكتور نافع ، والذي هو أصلا خريج زراعة والمرحوم مجذوب خريج طب ، ولكن كليهما هل كان يملك من المقومات والتي تسمح له بإدارة ملف بحجم مشكلة دارفور ؟ مجذوب رحمه الله ، ولكن دعني أقول لك أن كل قادة الإنقاذ يديرون السودان بعقلية إتحاد الطلاب.
تاني شي : لماذا لم يتفق كل أبناء دارفور علي أجندة واحدة لإدارة الحوار مع المؤتمر الوطني ؟
تالت شي : أين الحركة الشعبية من مشاكل السودان كلها بعد نيفاشا؟
رابع شي: أين كل النخب السودانية من مشاكل الوطن بغض النظر عن موقعهم داخل وخارج السلطة؟
اليوم السودان علي مفترق طرق، هل يبقي ويظل دولة ووطنا واحدا موحدا؟
أم أن غدا يخبيء الكثير ما بين الصوملة والبلقنة واللبننة؟؟
نعم تتحمل الإنقاذ تبعات كل ما حصل للوطن،
وفي نفس الوقت فإن الأماني لاتتحقق بالتمنيات ولكن بالتضحيات ، فأين الشعب المحب للحرية والديمقراطية والعدل والمساواة؟
يديكم دوام الصحة والعافية