في ملكال عاصمة ولاية اعالي النيل حيث القداسة في كل شئ بدءا من المك الي اصغر طفل في الطرقات او المدارس جرى الاحتفال بمرور اربعة اعوام كاملة على توقيع اتفاقية السلام بين الشمال و الجنوب .
رمزية المكان تكمن في حقيقة ان ملكال جسر ثقافي و وجداني بين الجنوب المتشوق الي الاخوة مع الشمال بأسس المواطنة و الاخاء و الندية من جانب و الشمال الرسمي (الحكومي) الذي مازال يعمل بعقلية الزبير باشا في الجانب الاخر.
الصدفة وحدها قادتني لمشاهدة القناة الحكومية و التي يطلق عليها لقب القناة السودانية ( استغفالا). قد اعجبت ايم الاعجاب باجابات الاستاذ ياسر عرمان نائب الامين العام للحركة الشعبية في الحوار التلفزيوني المشترك مع السفير الدرديري – الاخير نفسه اي الاستاذ الدرديري كان موضوعيا لابعد الحدود على نقيض اهل الانقاذ في مغالطة الحقائق.
الاستاذ عرمان تحدث بروح متفائلة مشحونة بالحذر و لكن اجمل ما قاله عن تنفيذ الاتفاقية هو وصفه لبناء دولة المواطنة من خلال احداث تغيير ايجابي في جسم نظام الفصل العنصري القائم بالخرطوم(و الجملة السابقة من عندي) بانه اشبه بتغيير الاطار لسيارة تسير في الطريق باقصى سرعة ممكنة. وهو وصف دقيق و منصف في آن واحد.
رغم الخطب المتسامحة التي القيت باعياد الزكرى الرابعة الا ان ثمة صقور في الجانب الاخر – اي المؤتمر الوطني يتحدث عن حدوث فوضى مزعومة بالبلاد في حال صدور المذكورة المتوقعة بحق الرئيس السوداني . و يلمحون بشكل او اخر عن تجميد اتفاقية السلام في الجنوب اذا ما صدرت تلك المذكرة ظنا منهم ان حديثا من ذاك النوع قد يخيف شركائهم في السلطة و الاتفاقية و يسعون للحيلولة دون صدورها و ذلك بالتدخل لدي حلفائهم الطبيعيين( كما تفضلت جنداي فريزر)مثل الولايات المتحدة و بريطانيا و النرويج. تلك قراءة خاطئة و نظرة ضيقة لا تحتمل النقاش.
لا شئ يوقف الملاحقة غير احداث تغيرات جزرية على الارض هناك في دارفور – لكن و للاسف لا شئ من هذا القبيل يبدو للناس في الافق .
الكل يعلم من يكن وراء حركة جيش الرب الارهابية في المثلث الذي يقع بين السودان و الكنغو و اوغندا و من يحرضها على تقطيع اوصال اهلنا القرويين العزل في جنوب السودان و من يدعمها بغرض استنزاف موارد و طاقات حكومة الجنوب حتى لا تتمكن تلك الحكومة من بناء المدارس و المستشفيات. منظمة جيش الرب الارهابية و المطلوبة لدي المحكمة الدولية قد ترعب المواطنين العزل لبعض الوقت لكن مصيرها الفشل و الاستسلام و المحاكمة - كما انها قد تحدث بلبلة بين القرويين في المناطق الحدودية لكن لا تستطيع مواجهة الجيش الشعبي لتحرير السودان.
قد تقوم الحكومة في الخرطوم بإجراءات غير مسئولة تجاه المنظمات العاملة بالسودان – و المنظمات تدرك صبيانية الانظمة الشمولية لذا تستعد لاسواء الاحتمالات و لا تتضرر من اي اجراء تعسفي انما النظام وحده الذي يتضرر و يدفع ثمنا مضاعفا في حال انتقال المنظمات الي كينيا او اثيوبيا او القاهرة.
لكن لا حرب نتوقعها في جنوب السودان و لا تجميد لاتفاقية السلام. و الضمانة الوحيدة في هذا الامر بعد الله تعالى هو السلاح الفتاك الذي بيد الجيش الشعبي. اي الموت الذي اشبعه هذا النظام للناس في الجنوب و الشرق و دارفور و جبال النوبة و انقسنا – و اخيرا في مناطق النوبيين و المناصير في شمال السودان هو وحده الذي يردعهم عن مجرد التفكير في اطلاق رصاصة واحدة في اتجاه جنوب السودان – ناهيك عن تجميد الاتفاقية و نتائجه الكارثية.
نشر بسودانايل في Saturday, January 10, 2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق