لا اجد حرجا في القول بأن اعظم حدث مر بالبشرية بعد الخليقة ثم الانبياء عليهم السلام برسالاتهم المنقذة للناس كان الحدث البركان – معجزة انتخاب باراك حسين اوباما رئيسا لارض الميعاد – الولايات المتحدة الامريكية.
طال انتظار المستضعفين في الارض لقرون و قرون حتى ظن جلهم ان لا خلاص غير قيام الساعة – هنالك في الموقف – موقف المحشر حيث لا يظلم احد . نعم هكذا ظن الكثيرون و استسلموا. و من حقهم ان يستسلموا.
رغم ان جميع الكتب السماوية قد دعت الناس الي الحق و العدل و الانصاف الا ان الشر الذي يسكن دواخل الظالمين منعهم او اعماهم من رؤية ايات الله في المساواة بين الناس.
بلا شك ان اسعد الناس في يوم فوز اوباما هو الاب و صاحب الحلم الذي استشهد من اجل ان يبقى الحلم حيا انه الملهم مارتن لوثر كينج .
البركان الذي حدث يوم امس الاول قد غير كيمياء الادمغة . ما كان مستحيلا في الماضي لم يصبح ممكنا فحسب بل اصبح محبوبا و مرغوبا بشكل جارف. اذا ماذا جرى في هذا الكوكب من الكون الشاسع ؟ انه انشطار آخر و لكن بشكل مختلف.
ان اكثر ما هزني في الصحافة العربية كان مقال الشيخ القرني في جريدة الشرق الاوسط حيث يكتب عبدالرحمن الراشد احد احبار الكلمة العربية في الصحافة. الشيخ عائض القرني و في ركنه " آفاق اسلامية" اعتبر في فوز اوباما عبرة للناس ان كانوا يعتبرون ثم تسأل عن ما يحل به ان كان من سكان دولة عربية – و من هنا نبدأ الحديث: -
استطيع القول بان هنالك اجماعا بشريا كونيا على الفرحة بفوز باراك اوباما حيث احتفل الناس في اقاصي الدنيا ببزوغ فجر جديد لسكان هذا الكوكب – لكن و للاسف في جزء صغير من مساحة هذه الارض و في بقعة تدعى السودان حزن الاغبياء على الزلزال الذي ضرب احدي ضفتي الاطلسي فارتفع الموج في الضفة الاخرى حاملا الحرية و الحب للناس اجمعين.
اكثر ما احزنني هو موقف بعض السودانيين من فوز السيد\ اوباما . انا اتفهم و بعمق خوف القلة في السودان من اي تغيير داخلي لكن لا استطيع التحمل ناهيك عن تفهم حزن رجل اسود او امراة سوداء لفوز رجل اسمر و اكثر قربا منهما الي البياض برئاسة دولة اخرى لمجرد ان ذلك الرجل الفائز لا يدعي الانتماء الي اعراق الاخرين فأطلق عليه لفظ الرجل الاسود بينما تلك الامراة السوداء و الرجل الاسود السودانيين يتشبثان بعرق هو برئ منهما . لكن بإسم ذلك العرق يقتلان و يظلمان – و هنا اجد العذر .
من يتصفح المواقع العربية يجد ما يسبب له البكاء قبل ان يغلبه الضحك المباح. التعليقات السلبية من قبل بعض السودانيين من الظالمين و اعوانهم على صفحات الصحافة العربية الالكترونية تعكس و بشكل فاضح الجريمة التربوية التي تعرض لها هؤلاء النفر من الناس في بلادي.
لا يمكنني ان اتصور التصريح الذي نشر على موقعي الجزيرة و ال بي بي سي و الذي تفضل به الناطق بإسم الخارجية السودانية قد صدر من مؤسسة دبلوماسية او من رجل قد اكمل المرحلة المتوسطة من التعليم الاساسي دعك عن رجل يعمل بالسلك الدبلوماسي – ليس هذا فحسب بل الرجل ناطق بإسم الخارجية.
كسودانيين فان قربنا و بعدنا عن الرئيس الامريكي المنتخب متساوي. لا سوداني اقرب الي باراك اوباما من سوداني اخر بصرف النظر عن اي تقسيمات عرقية مفتعلة كانت او جهوية ضيقة.
و بهذا الفهم يجب ان ننظر الي فوزه بانه فوز للارادة القوية و المؤهلات الشخصية. و بذلك يصبح فوزا للقيم النبيلة – و التي تحتم على كل من فيه ذرة نبل ان يفرح به.
بجانب البذخ المعنوي في فوز اوباما و الالهام الذي انتاب المستضعفين في كل شبر من الارض و حرك فيهم جذوة الحلم – حلم الاب مارتن لوثر في العدالة و المساواة بين الناس.نعم بجانب هذا كله فان شعارات الحزب الديمقراطي و" ان كانت داخلية " في الرعاية الصحية و الضمان الاجتماعي كفيلة لاقناع الخيريين في العالم للوقوف معها اعني الشعارات.
رغم اختياره لرام امانويل كبيرا لموظفي البيت الابيض و حفيظة البعض في ذلك الامر الا ان اوباما الذي تعهد بسحب قواته من العراق – و ارسل احد مساعديه الي سوريا - و التزم بالحوار السلمي مع ايران – و قال في يوم ما ان في الطالبان عناصر يمكن الحوار معها يجب على الشرق اوسطيين الترحيب بقدومه على الاقل للحيلولة دون استمرار سياسات الحزب الجمهوري في المنطقة.
إما في السودان فإن المستضعفين لا يرجون من الرئيس المنتخب غير ذلك الهام الذي خرج كالشعاع ليخترق صدورهم حيث تسكن جمرات الثورة فزادها اشتعالا و زاد حبهم للمساواة في وطن معافى عنوانه الاخاء.
*نشر بسودانايل في يوم فوز الرئيس الامريكي باراك اوباما
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق