عندما كنا صغاراو في المرحلة الابتدائية – كنا نتحاشى صداقة الطيش ( آخر الدفعة في التحصيل الاكاديمي) ظنا منا في انتقال عدوى الخمول. لكن الطيش في العادة لا يكن شخصا خاملا انما هو شخص نشط و كثير الحيل و الاحابيل و ضليع في اختلاق المبررات مثل استهداف الاستاذة له و غيرها من كلمات قاموس الاحباط. وهو سلوك مشابه لسلوك اهل الانقاذ – كلما حلت بهم ضائقة بما اقترفت ايديهم اشبعوا الناس صراخا و عويلا – وعيدا و تنديدا – تبريرا و اتهاما.
قبل حوالي ثلاثة اعوام و ابان دحر قوات المحاكم الاسلامية من الصومال من قبل قوات الحكومية المدعومة بالجيش الاثيوبي قد قلت الامر نفسه على موقع سودانيز اون لاين. و كان انذاك اهل الانقاذ حلفاء للمحاكم الاسلامية . و لو لا النظرة الضيقة و عدم القراءة الصحيحة من قبل المحاكم و خطل نصائح الحكومة السودانية لحلفائها لحكمت المحاكم الدولة الصومالية و باجندتها الاسلامية حتى تاريخ هذا اليوم و ذلك مناصفة مع القوى الصومالية الاخرى. و لكسب السودان حليفا حاكما في القرن الافريقي.
المراقب لمسيرة تحالفاتنا سواء كانت الاقليمية او الدولية ( ان وجدت) خلال العقدين الماضيين يلحظ و بشكل واضح غيابا تاما للمنهج الدبلوماسي و القراءة الاستراتجية للاشياء من حولنا.
لا يراودني ادنى شك في اننا نتخذ جميع مواقفنا من معسكرات تخريج الدفاع الشعبي حيث الاناشيد الحماسية و الصراخ المباح و غير المباح. لماذا اجد الحرج طالما منسق الدفاع الشعبي يصبح وزيرا للخارجية –أي رئيسا للدبلوماسية.
لست بصدد اجترار خطب يونس محمود الصباحية و المسائية في سب الاصدقاء و الاشقاء و لا بذكر موقفنا المخجل من الغزو العراقي لدولة الكويت - ذات الايادي البيضاء على السودان او ترديد هتافات تصف القائمين على امر الحرم المكي باليهود لكن ما يهمني هو موقفنا من قمة الدوحة.
رغم الحديث الصريح و اللطيف للشيخ حمد بن جاسم رئيس مجلس الوزراء و وزير الخارجية القطري و حفظه لمكانة العربية السعودية و مصر في الخارطة العربية الا ان حديثه عن الرئيس محمود عباس بتلك الطريقة أمر مرفوض و مخالف لابسط قواعد اللياقة في العلاقات بين الدول – السيد محمود عباس و بصرف النظر اي شئ فهو الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني – لذا فان الحديث عنه بتلك الصورة امر مشين.
الا ان القمة في مجملها قمة للمشاكسة و لم تأت بجديد و لا تستطيع ان تفعل شيئا لان كل خيوط اللعبة بيد اللواء عمر سليمان مدير الاستخبارات المصرية – هو وحده الذي يستطيع اقناع الاسرائيليين و الفلسطينيين عندما يحين الموعد المقرر لذلك ( نعم الموعد المقرر). اما قرار تجميد العلاقات القطرية او الموريتانية مع اسرائيل لا يحتاج الي قمة - كان بوسع ايا منهما ان تتخذ القرار نفسه دون الحاجة الي قمة او "حضور مبكر للسودان".
ايران و سوريا لن تخسرا شيئا بل كانت القمة مكسبا معنويا لهما في صراعهما مع مصر و السعودية او ما يسمى بصراع دول الاعتدال العربي او الاستسلام مع الدول الخارجة او الممانعة (سمي ما شئت). اذا من الخاسر ؟ بكل تأكيد الخاسر هو السودان.
اننا و المذكرة على الابواب احوج ما نكون الي دعم دول عربية من العيار الثقيل مثل المملكة العربية السعودية و مصر. مصر و السعودية دولتان محوريتان في المنطقة و تحظيان بثقل و احترام دوليين . يمكنهما من خلال تلك العلاقات القوية ايجاد مخرج مناسب للازمة التي نعيشها في هذه الايام و التي ستتفاقم عندما تعلن المذكرة. لذا فان السباحة عكس تيارهما خطأ فادح على الاقل في هذه الايام .
الجماهرية الليبية و رغم مشاكستها المستمرة للمملكة و مصر الا انها تعرف جيدا الدور الذي لعبه كل من العاهل السعودي و الرئيس مبارك في تسوية اثار لوكوربي.
لكن قدرنا ان نصادق الطيش – اذا علينا ان نعد انفسنا لتحمل التبيعات .
نشر بسودانايل في Saturday, January 17, 2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق