الأربعاء، 28 يناير 2009

في إنتظار المجهول

لست متأكدا ان كان من سؤ حظنا او حسنه نحن العامة في ان نتساوى مع النخبة في الجهل بقادمات الايام و ما تحمله طياتها من امور و اهوال. لكنني لا اعني بكلمة النخبة هؤلاء النفر من المشعوذين الذين يدفع بهم النظام الي وسائل الاعلام المسموعة منها و المرئية ليقوموا بقراءة الاحوال في ساحتنا الوطنية اعتمادا على ما تراكم لديهم من ارث الجدات في النظر الي المكون الاثني للسودانيين .
و النظام المعني هنا ليس نظام الانقاذ وحده انما منظومة الفصل العنصري بشقيه الحاكم والمرتدي لثوب المعارضة استغفالا للهامش و اهله.
رغم اختلاف المعطيات الا اننا نعايش ما عايشه العراق و العراقيين من الترقب في اواخر مارس 2003 و الفرق الوحيد بيننا كان هنالك صحافا واحدا بالعراق يزين الامور و يشوه الحقائق للرئيس الراحل صدام حسين و للعالم كله و له كان ينطرب و يرقص الشارع العربي المغيب عن عصره و ضميره .
النسخة العراقية تتكرر في اقل من عقد من الزمان و هذه المرة هنا في السودان - لكننا نتفوق على العراقيين - و تفوقنا هذا ليس في امتلاكنا لفرق مثل فرقة بابل و التي كان في تشكيلتها القتالية اكثر من ست الف مدرعة انما في امتلاكنا لاكثر من الف محمد سعيد الصحاف -نعم لاكثر من الف كذاب و متملق حول السيد رئيس الجمهورية - يوعدونه بالصمود و الموت دونه و هم لن يفعلون.
لا ادري قراءة مساعدي و مستشاري الرئيس السوداني لمقررات القمة العربية الاقتصادية و التي انعقدت بالكويت مؤخرا . لكن من الواضح ان المسألة السودانية لم تعد امرا يشغل بال اخواننا العرب.و الامر الاهم في تلك التوصيات هو مطالبة الدول العربية بمحاكمة القادة الاسرائيليين امام المحكمة الدولية. في ظني المتواضع ان مطالبة من تلك شاكلة تعتبر موافقة علنية و ليست ضمنية على محاكمة الرئيس السوداني امام تلك المحكمة - و المثير للسخرية ان البيان المعني هو بيان توافقي - هذا يعني موافقة الوفد السوداني و الذي كان يقوده السيد رئيس الجمهورية على محاكمة الرئيس الاسرائيلي و رئيس وزرائه امام محكمة لم توقع عليها الدولة العبرية - و عدم مصادقة الدولة على ميثاق المحكمة هي الحجة الانقاذية في رفض التعامل مع المحكمة الدولية بلاهاي.
ليس من الافضل فحسب لكن من اللياقة بمكان ان يكف المسؤولين السودانيين عن التهديد بحدوث او احداث فوضى عارمة في حال صدور مذكرة الاعتقال بحق رئيس الجمهورية. ربما السيد رئيس الجمهورية و افراد عائلته الكريمة الي جانب قلة من المواطنيين المغيبين وحدهم الذين يصدقون تلك الفرضية الغريبة و المضحكة.بصرف النظر عن ما اذا كانت المذكرة بصدد الصدور او عدمه الا ان المحكمة الدولية قد اعدت السودانيين من الناحية النفسية اعدادا جيدا لتقبل الامر في حال صدورها اي المذكرة. لذا لا نتوقع ما (يبشر) به الشامتون و الحالمون على السواء..
في حال صدور المذكرة هنالك طرفان - الطرف الانقاذي من الحكومة السودانية و طرف المحكمة الدولية - يساندهما المؤتمر الوطني و مجلس الامن على التوالي. و هنا لا نرى وجودا للمواطن السوداني سواء كان في نيالا او جوبا او الخرطوم اذا لما التبشير بالفوضى و الدماء ؟
رغم تعاطفنا اللا محدود مع الفلسطينيين من المدنيين العزل في غزة -وهو موقف انساني و عقائدي لكن عندما ننظر الي حماسة الانقاذيين لنصرة اهل غزة في الوقت الذي فيه يفترش اهل الاموال التي يتبرع بها الانقاذيون الارض في معسكرات النزوح و المعاناة في السودان ندرك اننا نعاني من داء نفسي عضال.
قد توقفت الحرب على غزة " و لله وحده الحمد" و هنالك هدنة تطبخ في القاهرة - و اموالا عربية قد تم التبرع بها لاعمار ما دمرته الحرب - و السفير جورج ميتشل بثقله و ارثه في انجاح المفاوضات - الان في المنطقة. اذا العالم على موعد مع قضية اخرى و ملحة - قضية دارفور مع السيدة سوزان رايس مناصرة الضعفاء و مندوبة الولايات المتحدة لدي الامم المتحدة .
المعارك بين حركة العدل و المساواة و الجيش الحكومي في اعنف صورها. و الجيش الشعبي لتحرير السودان في كامل استعداده للتعامل بحزم مع تهديدات بعض قيادات المؤتمر الوطني بتجميد اتفاقية السلام في حال صدور المذكرة. رغم ان تلك التهديدات لا تعدو عن كونها مشاكسة (قبيحة) و غير محسوبة العواقب.الصراع القبلي و المناطقي بين المجموعات الحاكمة في الخرطوم يزداد اشتعالا. الترابي يقبع في المعتقل لعادته في سبق انهيار الحكومات....... ببساطة اننا في انتظار المجهول

اوباما المنتظر


لا اجد حرجا في القول بأن اعظم حدث مر بالبشرية بعد الخليقة ثم الانبياء عليهم السلام برسالاتهم المنقذة للناس كان الحدث البركان – معجزة انتخاب باراك حسين اوباما رئيسا لارض الميعاد – الولايات المتحدة الامريكية.

طال انتظار المستضعفين في الارض لقرون و قرون حتى ظن جلهم ان لا خلاص غير قيام الساعة – هنالك في الموقف – موقف المحشر حيث لا يظلم احد . نعم هكذا ظن الكثيرون و استسلموا. و من حقهم ان يستسلموا.

رغم ان جميع الكتب السماوية قد دعت الناس الي الحق و العدل و الانصاف الا ان الشر الذي يسكن دواخل الظالمين منعهم او اعماهم من رؤية ايات الله في المساواة بين الناس.

بلا شك ان اسعد الناس في يوم فوز اوباما هو الاب و صاحب الحلم الذي استشهد من اجل ان يبقى الحلم حيا انه الملهم مارتن لوثر كينج .

البركان الذي حدث يوم امس الاول قد غير كيمياء الادمغة . ما كان مستحيلا في الماضي لم يصبح ممكنا فحسب بل اصبح محبوبا و مرغوبا بشكل جارف. اذا ماذا جرى في هذا الكوكب من الكون الشاسع ؟ انه انشطار آخر و لكن بشكل مختلف.

ان اكثر ما هزني في الصحافة العربية كان مقال الشيخ القرني في جريدة الشرق الاوسط حيث يكتب عبدالرحمن الراشد احد احبار الكلمة العربية في الصحافة. الشيخ عائض القرني و في ركنه " آفاق اسلامية" اعتبر في فوز اوباما عبرة للناس ان كانوا يعتبرون ثم تسأل عن ما يحل به ان كان من سكان دولة عربية – و من هنا نبدأ الحديث: -

استطيع القول بان هنالك اجماعا بشريا كونيا على الفرحة بفوز باراك اوباما حيث احتفل الناس في اقاصي الدنيا ببزوغ فجر جديد لسكان هذا الكوكب – لكن و للاسف في جزء صغير من مساحة هذه الارض و في بقعة تدعى السودان حزن الاغبياء على الزلزال الذي ضرب احدي ضفتي الاطلسي فارتفع الموج في الضفة الاخرى حاملا الحرية و الحب للناس اجمعين.

اكثر ما احزنني هو موقف بعض السودانيين من فوز السيد\ اوباما . انا اتفهم و بعمق خوف القلة في السودان من اي تغيير داخلي لكن لا استطيع التحمل ناهيك عن تفهم حزن رجل اسود او امراة سوداء لفوز رجل اسمر و اكثر قربا منهما الي البياض برئاسة دولة اخرى لمجرد ان ذلك الرجل الفائز لا يدعي الانتماء الي اعراق الاخرين فأطلق عليه لفظ الرجل الاسود بينما تلك الامراة السوداء و الرجل الاسود السودانيين يتشبثان بعرق هو برئ منهما . لكن بإسم ذلك العرق يقتلان و يظلمان – و هنا اجد العذر .

من يتصفح المواقع العربية يجد ما يسبب له البكاء قبل ان يغلبه الضحك المباح. التعليقات السلبية من قبل بعض السودانيين من الظالمين و اعوانهم على صفحات الصحافة العربية الالكترونية تعكس و بشكل فاضح الجريمة التربوية التي تعرض لها هؤلاء النفر من الناس في بلادي.

لا يمكنني ان اتصور التصريح الذي نشر على موقعي الجزيرة و ال بي بي سي و الذي تفضل به الناطق بإسم الخارجية السودانية قد صدر من مؤسسة دبلوماسية او من رجل قد اكمل المرحلة المتوسطة من التعليم الاساسي دعك عن رجل يعمل بالسلك الدبلوماسي – ليس هذا فحسب بل الرجل ناطق بإسم الخارجية.

كسودانيين فان قربنا و بعدنا عن الرئيس الامريكي المنتخب متساوي. لا سوداني اقرب الي باراك اوباما من سوداني اخر بصرف النظر عن اي تقسيمات عرقية مفتعلة كانت او جهوية ضيقة.

و بهذا الفهم يجب ان ننظر الي فوزه بانه فوز للارادة القوية و المؤهلات الشخصية. و بذلك يصبح فوزا للقيم النبيلة – و التي تحتم على كل من فيه ذرة نبل ان يفرح به.

بجانب البذخ المعنوي في فوز اوباما و الالهام الذي انتاب المستضعفين في كل شبر من الارض و حرك فيهم جذوة الحلم – حلم الاب مارتن لوثر في العدالة و المساواة بين الناس.نعم بجانب هذا كله فان شعارات الحزب الديمقراطي و" ان كانت داخلية " في الرعاية الصحية و الضمان الاجتماعي كفيلة لاقناع الخيريين في العالم للوقوف معها اعني الشعارات.

رغم اختياره لرام امانويل كبيرا لموظفي البيت الابيض و حفيظة البعض في ذلك الامر الا ان اوباما الذي تعهد بسحب قواته من العراق – و ارسل احد مساعديه الي سوريا - و التزم بالحوار السلمي مع ايران – و قال في يوم ما ان في الطالبان عناصر يمكن الحوار معها يجب على الشرق اوسطيين الترحيب بقدومه على الاقل للحيلولة دون استمرار سياسات الحزب الجمهوري في المنطقة.

إما في السودان فإن المستضعفين لا يرجون من الرئيس المنتخب غير ذلك الهام الذي خرج كالشعاع ليخترق صدورهم حيث تسكن جمرات الثورة فزادها اشتعالا و زاد حبهم للمساواة في وطن معافى عنوانه الاخاء.
*نشر بسودانايل في يوم فوز الرئيس الامريكي باراك اوباما

حرب أخرى في جنوب السودان


في ملكال عاصمة ولاية اعالي النيل حيث القداسة في كل شئ بدءا من المك الي اصغر طفل في الطرقات او المدارس جرى الاحتفال بمرور اربعة اعوام كاملة على توقيع اتفاقية السلام بين الشمال و الجنوب .
رمزية المكان تكمن في حقيقة ان ملكال جسر ثقافي و وجداني بين الجنوب المتشوق الي الاخوة مع الشمال بأسس المواطنة و الاخاء و الندية من جانب و الشمال الرسمي (الحكومي) الذي مازال يعمل بعقلية الزبير باشا في الجانب الاخر.
الصدفة وحدها قادتني لمشاهدة القناة الحكومية و التي يطلق عليها لقب القناة السودانية ( استغفالا). قد اعجبت ايم الاعجاب باجابات الاستاذ ياسر عرمان نائب الامين العام للحركة الشعبية في الحوار التلفزيوني المشترك مع السفير الدرديري – الاخير نفسه اي الاستاذ الدرديري كان موضوعيا لابعد الحدود على نقيض اهل الانقاذ في مغالطة الحقائق.
الاستاذ عرمان تحدث بروح متفائلة مشحونة بالحذر و لكن اجمل ما قاله عن تنفيذ الاتفاقية هو وصفه لبناء دولة المواطنة من خلال احداث تغيير ايجابي في جسم نظام الفصل العنصري القائم بالخرطوم(و الجملة السابقة من عندي) بانه اشبه بتغيير الاطار لسيارة تسير في الطريق باقصى سرعة ممكنة. وهو وصف دقيق و منصف في آن واحد.
رغم الخطب المتسامحة التي القيت باعياد الزكرى الرابعة الا ان ثمة صقور في الجانب الاخر – اي المؤتمر الوطني يتحدث عن حدوث فوضى مزعومة بالبلاد في حال صدور المذكورة المتوقعة بحق الرئيس السوداني . و يلمحون بشكل او اخر عن تجميد اتفاقية السلام في الجنوب اذا ما صدرت تلك المذكرة ظنا منهم ان حديثا من ذاك النوع قد يخيف شركائهم في السلطة و الاتفاقية و يسعون للحيلولة دون صدورها و ذلك بالتدخل لدي حلفائهم الطبيعيين( كما تفضلت جنداي فريزر)مثل الولايات المتحدة و بريطانيا و النرويج. تلك قراءة خاطئة و نظرة ضيقة لا تحتمل النقاش.
لا شئ يوقف الملاحقة غير احداث تغيرات جزرية على الارض هناك في دارفور – لكن و للاسف لا شئ من هذا القبيل يبدو للناس في الافق .
الكل يعلم من يكن وراء حركة جيش الرب الارهابية في المثلث الذي يقع بين السودان و الكنغو و اوغندا و من يحرضها على تقطيع اوصال اهلنا القرويين العزل في جنوب السودان و من يدعمها بغرض استنزاف موارد و طاقات حكومة الجنوب حتى لا تتمكن تلك الحكومة من بناء المدارس و المستشفيات. منظمة جيش الرب الارهابية و المطلوبة لدي المحكمة الدولية قد ترعب المواطنين العزل لبعض الوقت لكن مصيرها الفشل و الاستسلام و المحاكمة - كما انها قد تحدث بلبلة بين القرويين في المناطق الحدودية لكن لا تستطيع مواجهة الجيش الشعبي لتحرير السودان.
قد تقوم الحكومة في الخرطوم بإجراءات غير مسئولة تجاه المنظمات العاملة بالسودان – و المنظمات تدرك صبيانية الانظمة الشمولية لذا تستعد لاسواء الاحتمالات و لا تتضرر من اي اجراء تعسفي انما النظام وحده الذي يتضرر و يدفع ثمنا مضاعفا في حال انتقال المنظمات الي كينيا او اثيوبيا او القاهرة.
لكن لا حرب نتوقعها في جنوب السودان و لا تجميد لاتفاقية السلام. و الضمانة الوحيدة في هذا الامر بعد الله تعالى هو السلاح الفتاك الذي بيد الجيش الشعبي. اي الموت الذي اشبعه هذا النظام للناس في الجنوب و الشرق و دارفور و جبال النوبة و انقسنا – و اخيرا في مناطق النوبيين و المناصير في شمال السودان هو وحده الذي يردعهم عن مجرد التفكير في اطلاق رصاصة واحدة في اتجاه جنوب السودان – ناهيك عن تجميد الاتفاقية و نتائجه الكارثية.
نشر بسودانايل في Saturday, January 10, 2009

بين سلفا كير... و ...جورج بوش


في منتصف الثمانينيات من القرن ماضي ابان الحكم الانتقالي و عندما ضربت المجاعة اجزاء كبيرة من الوطن و خاصة غربه في دارفور و كردوفان – و تناسى الاقطاعيون في الخرطوم بان جوعا يقتل الاطفال و النساء و العجزة في ذلك الجزء النبيل من تراب الاحرار – هم الخيريون لنجدة الناس في غربي السودان و كانت الولايات المتحدة الامريكية بقيادة الرئيس الانسان الراحل رونالد ريغان في مقدمة تلك الدول – و بإسمه اي الرئيس ريغان سمى الاهالي تلك الاغاثة و اشتهرت بإغاثة ريغان.
في لحظة انسانية مجردة عن اي انتماء غير الانتماء الي البشرية و الانسانية – قالت امرأة من اهالي دارفور و بعاميتنا الدارفورية الجميلة :( ريغان..... الله يدخلي الجنة ) . لم يكن انذاك ايا من ائمة الغسل و الوضوء من علماء الخرطوم على شاكلة الكاروري او عبدالحي يوسف قريبا من وسائل الاعلام و الابواق الحكومية حتى يتكرم بتحريم و تجريم اشواق تلك المرأة المسكينة تجاه الرئيس رونالد ريغان. على نسق ما يقومون به في هذه الايام من فتاوى مدفوعة الاجر و فيها يحرمون تأجير المنازل للمنظمات التي تطعم الجياع في دارفور .
الامرأة ليست في حاجة لمعرفة ديانة الرئيس الامريكي الراحل - انما تعرف بانه انسان و تجمعهما منظمومة البشرية و التي لا تفرق بين الاديان و لا الاعراق .
و من سنن الحياة تتكرر العظات حينا بعد اخر – لذا و بعد حوالي عقدين من الزمان يتكرر الامر نفسه و" ان اختلف المشهد و الشخوص و المبررات ). نعم هناك في معسكر كلمة حيث المعاناة و الالم – اجتمع الاهالي تحت الاشجار لاقامة المأتم لوفاة شخص طاما اعتبروه ملهما و مخلصا لهم من العذاب الذي هم فيه. لم يفكر البسطاء في انتماء الراحل الدكتور جون قرنق الي الدين المسيحي و لا كان بوسعهم ان يفكروا. كل الذي تمكنوا من استحضاره في تلك اللحظات المفجعة ان الموت قد سرق منهم الامل – لذا اجتمعوا ليعزوا بعضهم البعض و ليسكبوا ما تبقت في اعينهم من الدمع.
بالامس الاول قدم النائب الاول للرئيس السوداني و رئيس حكومة جنوب السودان الفريق أول سلفا كير ميارديت الشكر و العرفان الي الرئيس الامريكي المنصرف جورج بوش بإسم شعب جنوب السودان و المهمشين من الشعوب السودانية. انها للفتة بارعة و شكر مستحق.
بصرف النظر عن سياسات الولايات المتحدة هنا او هناك و رغم رفضنا لبعضها او تحفظنا عليها الا انه و في الشأن السوداني و شأن المعذبين في السودان فإننا لا ننسى الدور الخالد و الذي لعبه الرئيس بوش في ايقاف الحرب في الجنوب و ذلك بالضغط على المتكبرين القتلة حتى نال شعبنا في جنوب السودان و جبال النوبة و انقسنا حقوقه المشروعة و الامر الاخر هو منع قتل المزيد من اهلنا في دارفور مع توفير الدواء و الغذاء لاهلنا المشردين في داخل و خارج البلاد. اننا و لو لا لطف الله ثم مواقف الرئيس جورج بوش ما كنا اليوم احياء حتى نقوم بشكره - شكرا للولايات المتحدة و شكرا للرئيس بوش .
نشر بسودانايل في Saturday, January 10, 2009

إسرائيل ......و.... مذكرة اوكامبو


يقيني ان اكثر الناس سعيا لتوقيف الرئيس السوداني السيد عمر البشير هو المشير عمر البشير نفسه. لم يعط شخص قط مهلة او فرصة لمراجعة و ترتيب اوضاعه بالحد الادني مثل ما اعطي السيد رئيس الجمهورية من قبل المجتمع الدولي و المحكمة الدولية والشعب السوداني مجتمعين. منذ عام 2003 و الجميع يناشد رئيس الدولة للعمل ما يمكن عمله في دارفور لكن دون جدوى. لماذا ..؟ لا احد يدري .
. و لأن نظرية المؤامرة تحتل مساحات شاسعة من عقولنا هل بامكاننا ان نقول ثمة اشخاص يسعون بشكل سري و محكم و بتواطوء اقليمي للتخلص منه ؟ تلك الفرضية هي وحدها التي تجد الهوى عندي.

رغم اننا نجد المتعة و الاثارة في تحميل الدولة العبرية مسئولية اي نكبة او عمل لا ينسجم مع اهوائنا الا انه و في هذه المرة سعت اسرائيل بفظائعها التي لا تحتمل لخدمة البعض في السودان.
اقول هذا و بالامس الاول جاء خبر بصحيفة المصري اليوم مفاده ان المحكمة الدولية بلاهاي قد اصدرت امر التوقيف بحق السيد رئيس الجمهورية الا ان الحرب الاسرائيلية على غزة قد حالت دون اعلانها.
رغم اقرارنا بأهمية مصر لدي الغرب و اعتبارها من قبل الولايات المتحدة و بريطانيا و فرنسا بأنها دولة معتدلة و مسؤولة و محورية و بذلك يمكنها ان تطلع على بعض سياسات الغرب في المنطقة و رغم تسليمنا لامكانية اطلاع الاعضاء الدائمين لمجلس الامن على فحوى اي قرار او مذكرة تصدر عن المحكمة الدولية الا ان الامر ليس بهذه البساطة.
الجميع يدرك فرص الحكومة السودانية و خبرتها في توظيف غضب الشارع الاسلامي و العربي على مذابح غزة لصالح موقفها الرافض للتعامل مع المحكمة و سعيها الدؤوب لاخراج كارثة دارفور عن سياقها القانوني و الجنائي الي هتافات و بطولات الا ان امر تأخير الاعلان اكبر من هذا و يجب ان يكون كذلك. الامر الاخر و الذي يجب على الحاكمين في السودان ان يفهموه هو ان الموقف العربي الذي لم يتمكن من مجرد الاجتماع لمنع ما يحدث في غزة يجب ان لا يعتمد عليه.

العراب السابق للانقاذ الدكتور حسن الترابي قد دعا الرئيس الي تسليم نفسه للمحكمة تفاديا لاي حصار دولي قد يتعرض له الشعب السوداني وهي دعوة اقل ما يمكن وصفها بانها هزلية وكيدية تفوح منها رائحة التندر. الترابي يدرك قبل الاخرين بان غريمه لن يقدم على تلك الخطوة .و بما ان مازال للشيخ مريدين كثر بكل مفاصل الدولة وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية هل يمكننا ان نفهم بانها إشارة منه لهؤلاء المريدين للتحرك قبل ان تغيب شمس سلطة الاسلاميين بالسودان ؟- هذا بصرف النظر عن تصنيفهم......

بلغة اهل الرياضة اننا نلعب في الزمن بدل الضائع الا انه هنالك متسع من الوقت لاحداث تغيرات على الارض هنالك في دارفور بها يقتنع الضحايا و المجتمع الدولي بان من اصدر تلك القرارات يجب ان لا يقبض عليه على الاقل في هذه المرحلة.
*نشر بسودانايل فيTuesday, January 13, 2009

قمة الدوحة و إدمان صداقة الطيش


عندما كنا صغاراو في المرحلة الابتدائية – كنا نتحاشى صداقة الطيش ( آخر الدفعة في التحصيل الاكاديمي) ظنا منا في انتقال عدوى الخمول. لكن الطيش في العادة لا يكن شخصا خاملا انما هو شخص نشط و كثير الحيل و الاحابيل و ضليع في اختلاق المبررات مثل استهداف الاستاذة له و غيرها من كلمات قاموس الاحباط. وهو سلوك مشابه لسلوك اهل الانقاذ – كلما حلت بهم ضائقة بما اقترفت ايديهم اشبعوا الناس صراخا و عويلا – وعيدا و تنديدا – تبريرا و اتهاما.

قبل حوالي ثلاثة اعوام و ابان دحر قوات المحاكم الاسلامية من الصومال من قبل قوات الحكومية المدعومة بالجيش الاثيوبي قد قلت الامر نفسه على موقع سودانيز اون لاين. و كان انذاك اهل الانقاذ حلفاء للمحاكم الاسلامية . و لو لا النظرة الضيقة و عدم القراءة الصحيحة من قبل المحاكم و خطل نصائح الحكومة السودانية لحلفائها لحكمت المحاكم الدولة الصومالية و باجندتها الاسلامية حتى تاريخ هذا اليوم و ذلك مناصفة مع القوى الصومالية الاخرى. و لكسب السودان حليفا حاكما في القرن الافريقي.

المراقب لمسيرة تحالفاتنا سواء كانت الاقليمية او الدولية ( ان وجدت) خلال العقدين الماضيين يلحظ و بشكل واضح غيابا تاما للمنهج الدبلوماسي و القراءة الاستراتجية للاشياء من حولنا.
لا يراودني ادنى شك في اننا نتخذ جميع مواقفنا من معسكرات تخريج الدفاع الشعبي حيث الاناشيد الحماسية و الصراخ المباح و غير المباح. لماذا اجد الحرج طالما منسق الدفاع الشعبي يصبح وزيرا للخارجية –أي رئيسا للدبلوماسية.
لست بصدد اجترار خطب يونس محمود الصباحية و المسائية في سب الاصدقاء و الاشقاء و لا بذكر موقفنا المخجل من الغزو العراقي لدولة الكويت - ذات الايادي البيضاء على السودان او ترديد هتافات تصف القائمين على امر الحرم المكي باليهود لكن ما يهمني هو موقفنا من قمة الدوحة.
رغم الحديث الصريح و اللطيف للشيخ حمد بن جاسم رئيس مجلس الوزراء و وزير الخارجية القطري و حفظه لمكانة العربية السعودية و مصر في الخارطة العربية الا ان حديثه عن الرئيس محمود عباس بتلك الطريقة أمر مرفوض و مخالف لابسط قواعد اللياقة في العلاقات بين الدول – السيد محمود عباس و بصرف النظر اي شئ فهو الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني – لذا فان الحديث عنه بتلك الصورة امر مشين.

الا ان القمة في مجملها قمة للمشاكسة و لم تأت بجديد و لا تستطيع ان تفعل شيئا لان كل خيوط اللعبة بيد اللواء عمر سليمان مدير الاستخبارات المصرية – هو وحده الذي يستطيع اقناع الاسرائيليين و الفلسطينيين عندما يحين الموعد المقرر لذلك ( نعم الموعد المقرر). اما قرار تجميد العلاقات القطرية او الموريتانية مع اسرائيل لا يحتاج الي قمة - كان بوسع ايا منهما ان تتخذ القرار نفسه دون الحاجة الي قمة او "حضور مبكر للسودان".
ايران و سوريا لن تخسرا شيئا بل كانت القمة مكسبا معنويا لهما في صراعهما مع مصر و السعودية او ما يسمى بصراع دول الاعتدال العربي او الاستسلام مع الدول الخارجة او الممانعة (سمي ما شئت). اذا من الخاسر ؟ بكل تأكيد الخاسر هو السودان.

اننا و المذكرة على الابواب احوج ما نكون الي دعم دول عربية من العيار الثقيل مثل المملكة العربية السعودية و مصر. مصر و السعودية دولتان محوريتان في المنطقة و تحظيان بثقل و احترام دوليين . يمكنهما من خلال تلك العلاقات القوية ايجاد مخرج مناسب للازمة التي نعيشها في هذه الايام و التي ستتفاقم عندما تعلن المذكرة. لذا فان السباحة عكس تيارهما خطأ فادح على الاقل في هذه الايام .

الجماهرية الليبية و رغم مشاكستها المستمرة للمملكة و مصر الا انها تعرف جيدا الدور الذي لعبه كل من العاهل السعودي و الرئيس مبارك في تسوية اثار لوكوربي.
لكن قدرنا ان نصادق الطيش – اذا علينا ان نعد انفسنا لتحمل التبيعات .
نشر بسودانايل في Saturday, January 17, 2009

هنالك رصاصة طائشة



قبل اكثر من ثلاث سنوات عندما وقع فصيل جيش تحرير السودان الذي يقوده الرفيق مني اركو مناوي على اتفاقية ابوجا مع النظام في الخرطوم انقسم ثوار الهامش السوداني بين مؤيد بإندفاع و مناوي بتطرف – فاختفت اي منطقة وسطى فيها تلتقي الرؤى و يسمو الهدف النبيل و الذي يتمثل في بلورة كل جهد و طاقة و اجتهاد لخلق وطن جديد و معافى يقوم على الاخاء و المساواة بين السودانيين جميعا.

حلم وطن الاخاء لا يمكن تحقيقه الا بمساهمة جميع ابناء و بنات الهامش و الخيريين من اهل الوسط و الشمال. انه حلم جماعى و مسؤولية تضامنية لا يمكن انجازها بابعاد او اسقاط لدور الاخر. و هذا ينسحب على عامل الاحقية – وهو من الاحق بقيادة الناس الي ذلك الحلم ؟ ... الجميع شركاء في جعله ممكنا و مستحبا .

رغم فظاعة الامر الا انني اقل الناس تشاؤما بالاقتتال الداخلي الذي يحدث بين الثوار من وقت لاخر. و ذلك لاسباب عدة منها المستعمر الداخلي الذي حمل الناس الي حمل السلاح لا يهدأ له البال - لذا يعمل ليل نهار على زرع بذور الفتنة و التشرذم في الجسم الثوري حتى يسهل له الانقضاض على من تبقى منهم و في الوقت المناسب – اي عندما يتمكن الوهن من من تبقى من الاقتتال الاخوي. و الامر الاخر اننا اي ابناء الهامش في الشرق و الجنوب و الغرب و في اقصى شمال السودان لسنا كتلة صماء انما اناس يحملون افكارا و رؤى مختلفة و ننتمي الي مدارس تتدرج من اقصى اليسار الي اليمين الذي يقارب التطرف - اي اننا من مكونات المجتمع السوداني . هذا يعني و ان توحد الهدف فان الوسائل تتباين – لذا علينا ان نتفهم و نتحمل بعضنا. الا سندخل دائرة الشر و الخير المطلقين و هنا يكمن مقتلنا و مقتل حلمنا.

بالامس الاول إمتلأت صفحات الصحف الصفراء في الخرطوم بالاخبار – تبشر بالاقتتال الذي حدث بين وحدتين صغيرتين من ثوار قوات حركة العدل و المساواة و ثوار حركة جيش تحرير السودان. و هو امر يبعث الحزن و الاسف و ما كان ينبغي حدوثه. لكن حتى لا نغرق في حزننا و اسفنا علينا ان نتذكر التاريخ القهري للشعوب الحرة – ما خلت حركة تحررية قط من الاقتتال الداخلي – لان الذي دفع الاطباء و المهندسين – القضاة و المحاميين الي افتراش الحصى و النوم في العراء هو وحده الذي يدفعهم الي تصويب رصاصاتهم الي صدور بعضهم.

طالما اشواق الموقعين على اتفاقيات السلام مع النظام تعانق اهداف الرافضين لاي اتفاق لا يلبي طموحات اهل الهامش في العيش بكرامة فاننا في الطريق الصحيح . هذا يعني ان الرصاصة التي تنطلق من فوهات بنادق بعضنا الي صدور اشقائنا ليست برصاصة غدر او خيانة ا نما هي رصاصة طائشة و يجب لها ان لا تنطلق في ذاك الاتجاه.
لا تقتلوا بعضكم حتى لا يبتسم الاقطاعي القاتل..... فيظهر ثغره الدامي و يخيفني منظره.
نشر بسودانايل في Sunday, January 18, 2009

على هامش القمة العربية اقرأ مأساتي


حتى هذه اللحظة لم اجد مبررا منطقيا او حتي برتوكوليا واحدا للحضور المبكر للسودان للقمة الفقاعة و التي انعقدت في الدوحة. ربما فكر السودان و بدبلوماسية رزق اليوم بيوم في قرأتنا للاشياء في تسجيل هدف ثمين في مرمى دول الاعتدال العربي و لصالح دول الممانعة العربية. تلك قراءة ليست خاطئة فحسب انما مثيرة للشفقة و التندر.

نحن لا نقلل من قدر انفسنا بقدر ما يتوجب علينا فهم حجمنا المفترض في المضمارالذي يمكننا اللعب فيه.الساحة العربية و القضية الفلسطينية بتشعباتها و خيوطها المتقاطعة ليست ساحة لدول من العيار الخفيف جدا و ان لم يكن معدوما في الاصل ان تلعب دور سلبيا كان او ايجابيا. وهي المعلومة التي يتعين على اخوتنا في الخارجية السودانية و القصر الرئاسي ان يتقبلوها رغم الوهم الذي يناطح بالرفض.

القضية الفلسطينية لم تعد قضية عربية او اسلامية فحسب انما هي قضية عالمية و انسانية من الدرجة الاولى. لذا يتظاهر الخيريين من الاسرائيليين في الدولة العبرية و العالم الي جانب العرب و المسلمين و المسيحيين و اللادينيين- و لذات السبب يبادر الرئيسان الفنزويلي شافس والبوليفي موراليوس بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الدولة العبرية من موقف انساني بحت.

اما الصراع الفصائلي الفلسطيني ما هو الا نقطة تتقاطع فيها الخيوط الممتدة من واشنطن و باريس و لندن مارة بالقاهرة و الرياض من جهة مع تلك التي تمتد من طهران و دمشق و الدوحة من جهة اخرى. و هنا لا نرى وجودا للخرطوم اذا حضورنا المبكر الي الدوحة اشبه بحضور من يذهب الي المدرسة مبكرا في يوم عطلة .

القاهرة رغم متاجرتها بقضايا العرب و المسلمين و الرياض رغم سلفيتها ارقام صعبة في الساحة الدولية - و اي محاولة لتجاوزهما تعتبر مجازفة اثارها عاجلة الارتداد.

نحن و في انتظار المجهول مع المحكمة الدولية علينا ان نتخذ موقفا تصالحيا مع محيطنا الاقليمي و خاصة العربي - و اتخاذ اي موقف الي جانب المملكة العربية السعودية و مصر امر ليس ضروريا فحسب انما ملح للغاية

لست بصدد المناكفات بعروبة السودان او افريكانيته تلك امور جدلية و لسنا في حاجة اليها لكن رغم عضويتنا الكاملة بالجامعة العربية وشغف مصطفى عثمان اسماعيل بعمرو موسى الا ان ثقلنا لا يقارن باي دولة عربية - و ثميثلنا لا يتعدى حدود المجاملة - .الزعماء العرب من الملوك الي الرؤساء و ان احتدم الخلاف فانهم ينظرون الي بعضهم نظرة دم و اشقاء و هذه النظرة غير متوفرة تجاه السودان و من الانصاف ان لا نطالب بها.

على هامش القمة جرت مصالحات و مصالحات بين الدول العربية الا ان اسم السودان قد خلى من اي دعوة جانبية تشاورية او مأدبة غداء للمجاملة - و هذا يعكس و بشكل فاضح من نحن في الخارطة العربية .

السؤال الملح هو عندما ارتكب جرما بحق جزء من امتي و شعبي باسم عرق معين هل يؤهلني ذلك الجرم ان اكون عضوا اصيلا في ذاك العرق.؟؟. من الواضح ان الاجابة ليست بالايجاب.. اذا على هامش قمة الكويت اقرأ مأساتي
* نشر بسودانايل في Monday, January 19, 2009

الثلاثاء، 27 يناير 2009

في إنتظار المجهول



لست متأكدا ان كان من سؤ حظنا او حسنه نحن العامة في ان نتساوى مع النخبة في الجهل بقادمات الايام و ما تحمله طياتها من امور و اهوال. لكنني لا اعني بكلمة النخبة هؤلاء النفر من المشعوذين الذين يدفع بهم النظام الي وسائل الاعلام المسموعة منها و المرئية ليقوموا بقراءة الاحوال في ساحتنا الوطنية اعتمادا على ما تراكم لديهم من ارث الجدات في النظر الي المكون الاثني للسودانيين .
و النظام المعني هنا ليس نظام الانقاذ وحده انما منظومة الفصل العنصري بشقيه الحاكم والمرتدي لثوب المعارضة استغفالا للهامش و اهله.

رغم اختلاف المعطيات الا اننا نعايش ما عايشه العراق و العراقيين من الترقب في اواخر مارس 2003 و الفرق الوحيد بيننا كان هنالك صحافا واحدا بالعراق يزين الامور و يشوه الحقائق للرئيس الراحل صدام حسين (رحمه الله) و للعالم كله و له كان ينطرب و يرقص الشارع العربي المغيب عن عصره و ضميره .

النسخة العراقية تتكرر في اقل من عقد من الزمان و هذه المرة هنا في السودان - لكننا نتفوق على العراقيين - و تفوقنا هذا ليس في امتلاكنا لفرق مثل فرقة بابل و التي كان في تشكيلتها القتالية اكثر من ست الف مدرعة انما في امتلاكنا لاكثر من الف محمد سعيد الصحاف -نعم لاكثر من الف كذاب و متملق حول السيد رئيس الجمهورية - يوعدونه بالصمود و الموت دونه و هم لن يفعلون.

لا ادري قراءة مساعدي و مستشاري الرئيس السوداني لمقررات القمة العربية الاقتصادية و التي انعقدت بالكويت مؤخرا . لكن من الواضح ان المسألة السودانية لم تعد امرا يشغل بال اخواننا العرب.و الامر الاهم في تلك التوصيات هو مطالبة الدول العربية بمحاكمة القادة الاسرائيليين امام المحكمة الدولية. في ظني المتواضع ان مطالبة من تلك شاكلة تعتبر موافقة علنية و ليست ضمنية على محاكمة الرئيس السوداني امام تلك المحكمة - و المثير للسخرية ان البيان المعني هو بيان توافقي - هذا يعني موافقة الوفد السوداني و الذي كان يقوده السيد رئيس الجمهورية على محاكمة الرئيس الاسرائيلي و رئيس وزرائه امام محكمة لم توقع عليها الدولة العبرية - و عدم مصادقة الدولة على ميثاق المحكمة هي الحجة الانقاذية في رفض التعامل مع المحكمة الدولية بلاهاي.

ليس من الافضل فحسب لكن من اللياقة بمكان ان يكف المسؤولين السودانيين عن التهديد بحدوث او احداث فوضى عارمة في حال صدور مذكرة الاعتقال بحق رئيس الجمهورية. ربما السيد رئيس الجمهورية و افراد عائلته الكريمة الي جانب قلة من المواطنيين المغيبين وحدهم الذين يصدقون تلك الفرضية الغريبة و المضحكة.

بصرف النظر عن ما اذا كانت المذكرة بصدد الصدور او عدمه الا ان المحكمة الدولية قد اعدت السودانيين من الناحية النفسية اعدادا جيدا لتقبل الامر في حال صدورها اي المذكرة. لذا لا نتوقع ما (يبشر) به الشامتون و الحالمون على السواء.
.
في حال صدور المذكرة هنالك طرفان - الطرف الانقاذي من الحكومة السودانية و طرف المحكمة الدولية - يساندهما المؤتمر الوطني و مجلس الامن على التوالي. و هنا لا نرى وجودا للمواطن السوداني سواء كان في نيالا او جوبا او الخرطوم اذا لما التبشير بالفوضى و الدماء ؟

رغم تعاطفنا اللا محدود مع الفلسطينيين من المدنيين العزل في غزة -وهو موقف انساني و عقائدي لكن عندما ننظر الي حماسة الانقاذيين لنصرة اهل غزة في الوقت الذي فيه يفترش اهل الاموال التي يتبرع بها الانقاذيون الارض في معسكرات النزوح و المعاناة في السودان ندرك اننا نعاني من داء نفسي عضال.
قد توقفت الحرب على غزة " و لله وحده الحمد" و هنالك هدنة تطبخ في القاهرة - و اموالا عربية قد تم التبرع بها لاعمار ما دمرته الحرب - و السفير جورج ميتشل بثقله و ارثه في انجاح المفاوضات - الان في المنطقة. اذا العالم على موعد مع قضية اخرى و ملحة - قضية دارفور مع السيدة سوزان رايس مناصرة الضعفاء و مندوبة الولايات المتحدة لدي الامم المتحدة .

المعارك بين حركة العدل و المساواة و الجيش الحكومي في اعنف صورها. و الجيش الشعبي لتحرير السودان في كامل استعداده للتعامل بحزم مع تهديدات بعض قيادات المؤتمر الوطني بتجميد اتفاقية السلام في حال صدور المذكرة. رغم ان تلك التهديدات لا تعدو عن كونها مشاكسة (قبيحة) و غير محسوبة العواقب.الصراع القبلي و المناطقي بين المجموعات الحاكمة في الخرطوم يزداد اشتعالا. الترابي يقبع في المعتقل لعادته في سبق انهيار الحكومات....... ببساطة اننا في انتظار المجهول

د. حامد برقو عبدالرحمن